ان شاء الله كل مره بحط الكم موضوع بيخص بدو النقب
قبيلة العَزَازِمَة
يقطنون في جنوبي القضاء ومنازلهم مترامية الأطراف فإنها تمتد من بئر السبع حتى (وادي العربة) وحدود سيناء. وتقع بين أراضي التياها والترابين والسُّعَيْدِيَين والأحيْوات.
قدر عددهم في احصاء عام 1931م. بـ (8678) نسمة، منهم (4053) من الذكور و (4025) من الاناث وفي صيف عام 1946 بلغوا 370، 16 شخصاً.
ويذكر العزازمة أنهم من قُضاعة من حمير من القحطانية. والراجح انهم من أعقاب جَرْم رَبّان المتقدم ذكره.
ويرى بعضهم ان آل عزام في جيزة مصر وبني عزام الدروز الموجودين في حوران هم من عزازمة فلسطين[197].
وصف صاحب تاريخ بئر السبع وقبائلها العزازمة بقوله: (لونهم أسمر قاتم. ولهم خصال جميلة. منها وأهمها صدقهم وميلهم للصبر والتوكل يعزون الطنيب ويضحون أنفسهم في سبيله. يكثر عندهم المحل، ولذلك تراهم يرحلون من مكان الى مكان أكثر من أية قبيلة أخرى.
وبلادهم جبال وسهول ووهاد وتلول. أراضيهم فسيحة الأرجاء، لكنها غير مزروعة، إلا القليل منها فانه مزروع قمحاً وشعيراً، وقليل منهم يعرف زراعة الذرة والبطيخ)[198].
وتتألف قبيلة العزازمة من عشر عشائر وهي:
(1) المحمديون:
وتضم (الجخادمة) و (المعامير) و (الشياحين) و (الملاطعة) و (عرون) و (المواضي) و (*******يلات) و (حجيات) و (شماعلة) و (حجوج) و (عوايشة) و (رسيسات) و (نغامشة) و (بوشيه) و (فشقات) و (عمرات) و (قطاطوة) و (قاقدة) و (مصافير) وغرباء.
ويذكر (المحمديون) انهم من قبيلة (حرب) الحجازية، وهذه قبيلة أكثرها من العدنانية. وهي غير متحدرة من سلالة واحدة. بل هي مجموعة أحلاف يدخل فيها كثير من العناصر المختلفة في النسب. وتقع أماكنها في نجد والحجاز والمعروف ان قبيلتي (مُزَيْنَة) و (الصوالحة) في سيناء هما من قبيلة حرب.
وذكر (البركاتي) في رحلته اليمانية (ص 110) ان (الشواربية) القاطنين بقليوب بمصر هم من (حرب).
(2) الصبحيون:
وتشمل (الغريبات) و (الطبايعة) و (عقلان) و (الطواقين) و (العتايقة) و (القطافين) و (العوران) و (اللوافية) والغرباء.
(3) الصبيحات:
وتضم (الرقيبات) و (المساقية) و (السمران) والغرباء. و(الصبيحات) هم من أعقاب (الصبيحيين) من ثعلبة، وقد تقدم ذكرهم.
والصبيح أيضاً قبيلة من قبائل فلسطين الشمالية وإليها تنسب عائلة (أبي حجلة) في جبال نابلس.
(4) الزربة:
وتتألف من (البتاترة) والغرباء.
(5) الفراحين:
وهم (عيال عيد) و (عيال عياد) و (جليقات) و (الفران).
(6) المسعوديون:
وهم (الفضلات) و (الولايدة) و (الحمامدة) و (القلوع) و (المحيسنيين) و (الرياطي) والغرباء.
و (الرياطية) من هؤلاء يذكرون أنهم نزحوا من قضاء (صهيون) من أعمال (اللاذقية) في القرن الماضي. وصفهم صاحب تاريخ بئر السبع وقبائلها بقوله: (إنهم متوقدو الذهن وعندهم ميل شديد لطلب العلم وكثير بينهم من يحسن القراءة والكتابة مثل سكان المدن، يستشيرون البنت في زواجها وهم، رجالاً ونساء؛ متعصبون لدينهم وقد يصل ازدراؤهم بمن لا يصلي منهم الى أن ينبذوه من بين ظهرانيهم)[199].
(1) العصيات:
وتضم (العصيات) و (الزيادين) و (العرجان) و (الحوصة) و (السعيدات).
(2) المريعات:
وتضم (الصباحين) و (الرجيلات) و (الدعاعرة) و (المغاربة).
(10) السراجين:
وهم (الوريدات) و (العويضات) و (عيال سويلم) و (عيال سلمى) و (الخواطرة). ودعي (السراحين) باسمهم هذا نسبة الى موطنهم الأصلي الذي أتوا منه وهو (وادي السرحان) الواقع للشرق من الحدود التي تفصل الأردن عن المملكة العربية السعودية. والسرحان الذين نسب إليهم هذا الوادي بطن من الإسبع من *** بن وَبْرَة من قُضاعة وقد مرّ ذكرهم.
* * *
مدارس قبيلة العزازمة
مدارس القبيلة أربع وجميعها تابعة للعزازمة. وهي:
(1) مدرسة الخلَصَة: تقع الخلصة في الشمال الغربي من عسلوج وعلى مسافة 15 كم منها. كانت إدارة المعارف قد فتحت فيها مدرسة للحكومة بعد الاحتلال البريطاني إلاّ أنها اضطرت لإغلاقها لعدم انتظام الدوام فيها وأُعيد فتحها على حساب القبيلة عام 1941، بلغ عدد طلابها (53) طالباً يوزعون على أربعة صفوف يعلمهم معلم واحد، تدفع القبيلة راتبه.
(2) مدرسة العوجاء: وتقع في الجنوب الغربي من (بئر السبع) وعلى مسافة 74 كم منها. كانت إدارة المعارف قد فتحت مدرسة في هذه البقعة إلا أنها اضطرت لإغلاقها في عام 1932 بسبب قلة عدد الطلاب وعدم انتظام دوامهم. ثم أعيد فتحها في عام 1945 على حساب القبيلة. بلغ عدد طلابها 23 طالباً يوزعون على ثلاثة صفوف يعلمهم معلم واحد على حساب القبيلة.
(3) مدرسة عَسْلوج: تقع على الطريق العام بين بئر السبع والعوجاء وعلى مسافة 31 كم من الأولى. فتحت هذه المدرسة أبوابها للتدريس في عام 1946، على حساب القبيلة. بلغ عدد طلابها (36) طالباً يوزعون على أربعة صفوف يعلمهم معلم واحد.
(4) مدرسة الخزْعَلي: دُعيت بهذا الاسم نسبة الى (بقعة الخَزْعَلي) التي تقع فيها. والمكان يقع جنوبي بئر السبع وعلى مسافة 14 كم منها. تأسست المدرسة في عام 1943 وبلغ عدد طلابها 24 طالباً يوزعون على أربعة صفوف يعلمهم معلم واحد على حساب القبيلة.
وقد قُدِّر عدد الملمين بالقراءة والكتابة في عام 1947 بين أفراد قبيلة العزازمة بنحو 220 رجلاً.
* * *
إن البلاد التي تقع بين مدينة (بئر السبع) حتى (عين قادش)[200] في سيناء تعرف باسم
(النجب _ Negeb).
ويظهر أن هذا الاسم قديم بدليل ظهوره على نقوش مصرية يرجع تاريخها الى عهد طثميس الثالث 1501 _ 1447ق.م. وكثيراً ما استعمل بمعنى الجنوب. ويمكن القول بوجه عام أن أراضي النجب اليوم تخص قبيلة العزازمة.
ومما يسترعي الانتباه في اراضي هذه القبيلة كثرة الأطلال والخرائب القديمة المبعثرة هنا وهناك والتي تدل على أنها بقايا مدن كانت يوماً ما عامرة بالسكان. وقد يسائل المرء نفسه كيف تمكنت هذه المدن أن تنمو وتتقدم في مثل هذه الأراضي القليلة الأمطار التي هي أقرب للصحارى منها للأراضي الخصبة؟ إن السبب العامل على عمرانها في تلك الديار النائية والأراضي القاحلة هو لوقوعها على طريق قوافل العرب التجارية التي كانت تسير بين العقبة والبتراء ومن هذه الى مصر وفلسطين، وهذه الطرق كانت قديمة جداً إذ المعروف أن الرومان لم يبنوها ولكنهم عبّدوها وحصنوها.
وقد بنيت المدن على مواقع يصعب على المغيرين الاستيلاء عليها بسهولة، كما حصنت بقلاع متينة شيدت بالقرب منها.
ولما دالت دولة الأنباط العربية _ التي استغلت الأراضي الصالحة للزراعة في هذا القسم من مملكتهم[201]_ سار على طريقهم الرومان والبيزنطيون من بعدهم فأقاموا الحصون بين المدن والمحطات المختلفة وذلك جميعه لدفع غارات البدو وغيرهم من المغيرين. كما أسسوا أو وسعوا تلك المدن التي غصت بالسكان، وكانت الحياة الاقتصادية فيها تنحصر في التجارة والزراعة الجافة والرعي. وقد زاد في بهائها النساك والمتعبدون المسيحيون الذين نزلوها هرباً من ظلم الوثنيين لهم.
نجحت هذه المدن في عمرانها وتقدمها وبقيت ماثلة للعيان مدة دوام التجارة بين الأنباط وشمالي الجزيرة العربية من جهة وبين مصر وفلسطين وشواطىء البحر الأبيض المتوسط من جهة أخرى. ولما تحولت طرق التجارة قلت أهمية هذه البقاع، ومع الزمن هجرها أهلها وانتهى أمرها. كما سبق وذكرنا ذلك في فصل سابق.
وأخر ما عرف عنها ما ذكره المقريزي في خططه: (وكان بأرض مدين هذه مدائن كثيرة. قد باد أهلها وخربت وبقي منها الى يومنا هذا (سنة 825ه: 1422م) نحو الأربعين مدينة ماقد جُهل اسمه. فما يعرف اسمه فيما بين أرض الحجاز وبلاد فلسطين وديار مصر ستة عشر مدينة. منها في ناحية فلسطين عشر مدائن وهي: (الخَلَصة) و (الشُنيْطَة) و (المدَرَة)[202] و (المنية)[203] و (الخويرق)[204] و (الأعوج) و (البئرين)[205] و (الماءين)[206] و (المعلق) [207]. وأعظم هذه المدائن العشر الخَلَصة والسنيطة (السبيطة اليوم). وكثيراً ما تنقل حجارتها الى غزة ويبنى بها هناك. ومن مدائن مَدْيَن بناحية القلزُم والطور مدينة (فاران)[208] ومدينة (الرقة)[209] ومدينة (القزم)[210] ومدينة (أيلة) ومدينة (مَدْيَن)[211]. وبمدينة مدين الى الآن آثار عجيبة ومدن عظيمة)[212].
* * *
تحياتي
قبيلة العَزَازِمَة
يقطنون في جنوبي القضاء ومنازلهم مترامية الأطراف فإنها تمتد من بئر السبع حتى (وادي العربة) وحدود سيناء. وتقع بين أراضي التياها والترابين والسُّعَيْدِيَين والأحيْوات.
قدر عددهم في احصاء عام 1931م. بـ (8678) نسمة، منهم (4053) من الذكور و (4025) من الاناث وفي صيف عام 1946 بلغوا 370، 16 شخصاً.
ويذكر العزازمة أنهم من قُضاعة من حمير من القحطانية. والراجح انهم من أعقاب جَرْم رَبّان المتقدم ذكره.
ويرى بعضهم ان آل عزام في جيزة مصر وبني عزام الدروز الموجودين في حوران هم من عزازمة فلسطين[197].
وصف صاحب تاريخ بئر السبع وقبائلها العزازمة بقوله: (لونهم أسمر قاتم. ولهم خصال جميلة. منها وأهمها صدقهم وميلهم للصبر والتوكل يعزون الطنيب ويضحون أنفسهم في سبيله. يكثر عندهم المحل، ولذلك تراهم يرحلون من مكان الى مكان أكثر من أية قبيلة أخرى.
وبلادهم جبال وسهول ووهاد وتلول. أراضيهم فسيحة الأرجاء، لكنها غير مزروعة، إلا القليل منها فانه مزروع قمحاً وشعيراً، وقليل منهم يعرف زراعة الذرة والبطيخ)[198].
وتتألف قبيلة العزازمة من عشر عشائر وهي:
(1) المحمديون:
وتضم (الجخادمة) و (المعامير) و (الشياحين) و (الملاطعة) و (عرون) و (المواضي) و (*******يلات) و (حجيات) و (شماعلة) و (حجوج) و (عوايشة) و (رسيسات) و (نغامشة) و (بوشيه) و (فشقات) و (عمرات) و (قطاطوة) و (قاقدة) و (مصافير) وغرباء.
ويذكر (المحمديون) انهم من قبيلة (حرب) الحجازية، وهذه قبيلة أكثرها من العدنانية. وهي غير متحدرة من سلالة واحدة. بل هي مجموعة أحلاف يدخل فيها كثير من العناصر المختلفة في النسب. وتقع أماكنها في نجد والحجاز والمعروف ان قبيلتي (مُزَيْنَة) و (الصوالحة) في سيناء هما من قبيلة حرب.
وذكر (البركاتي) في رحلته اليمانية (ص 110) ان (الشواربية) القاطنين بقليوب بمصر هم من (حرب).
(2) الصبحيون:
وتشمل (الغريبات) و (الطبايعة) و (عقلان) و (الطواقين) و (العتايقة) و (القطافين) و (العوران) و (اللوافية) والغرباء.
(3) الصبيحات:
وتضم (الرقيبات) و (المساقية) و (السمران) والغرباء. و(الصبيحات) هم من أعقاب (الصبيحيين) من ثعلبة، وقد تقدم ذكرهم.
والصبيح أيضاً قبيلة من قبائل فلسطين الشمالية وإليها تنسب عائلة (أبي حجلة) في جبال نابلس.
(4) الزربة:
وتتألف من (البتاترة) والغرباء.
(5) الفراحين:
وهم (عيال عيد) و (عيال عياد) و (جليقات) و (الفران).
(6) المسعوديون:
وهم (الفضلات) و (الولايدة) و (الحمامدة) و (القلوع) و (المحيسنيين) و (الرياطي) والغرباء.
و (الرياطية) من هؤلاء يذكرون أنهم نزحوا من قضاء (صهيون) من أعمال (اللاذقية) في القرن الماضي. وصفهم صاحب تاريخ بئر السبع وقبائلها بقوله: (إنهم متوقدو الذهن وعندهم ميل شديد لطلب العلم وكثير بينهم من يحسن القراءة والكتابة مثل سكان المدن، يستشيرون البنت في زواجها وهم، رجالاً ونساء؛ متعصبون لدينهم وقد يصل ازدراؤهم بمن لا يصلي منهم الى أن ينبذوه من بين ظهرانيهم)[199].
(1) العصيات:
وتضم (العصيات) و (الزيادين) و (العرجان) و (الحوصة) و (السعيدات).
(2) المريعات:
وتضم (الصباحين) و (الرجيلات) و (الدعاعرة) و (المغاربة).
(10) السراجين:
وهم (الوريدات) و (العويضات) و (عيال سويلم) و (عيال سلمى) و (الخواطرة). ودعي (السراحين) باسمهم هذا نسبة الى موطنهم الأصلي الذي أتوا منه وهو (وادي السرحان) الواقع للشرق من الحدود التي تفصل الأردن عن المملكة العربية السعودية. والسرحان الذين نسب إليهم هذا الوادي بطن من الإسبع من *** بن وَبْرَة من قُضاعة وقد مرّ ذكرهم.
* * *
مدارس قبيلة العزازمة
مدارس القبيلة أربع وجميعها تابعة للعزازمة. وهي:
(1) مدرسة الخلَصَة: تقع الخلصة في الشمال الغربي من عسلوج وعلى مسافة 15 كم منها. كانت إدارة المعارف قد فتحت فيها مدرسة للحكومة بعد الاحتلال البريطاني إلاّ أنها اضطرت لإغلاقها لعدم انتظام الدوام فيها وأُعيد فتحها على حساب القبيلة عام 1941، بلغ عدد طلابها (53) طالباً يوزعون على أربعة صفوف يعلمهم معلم واحد، تدفع القبيلة راتبه.
(2) مدرسة العوجاء: وتقع في الجنوب الغربي من (بئر السبع) وعلى مسافة 74 كم منها. كانت إدارة المعارف قد فتحت مدرسة في هذه البقعة إلا أنها اضطرت لإغلاقها في عام 1932 بسبب قلة عدد الطلاب وعدم انتظام دوامهم. ثم أعيد فتحها في عام 1945 على حساب القبيلة. بلغ عدد طلابها 23 طالباً يوزعون على ثلاثة صفوف يعلمهم معلم واحد على حساب القبيلة.
(3) مدرسة عَسْلوج: تقع على الطريق العام بين بئر السبع والعوجاء وعلى مسافة 31 كم من الأولى. فتحت هذه المدرسة أبوابها للتدريس في عام 1946، على حساب القبيلة. بلغ عدد طلابها (36) طالباً يوزعون على أربعة صفوف يعلمهم معلم واحد.
(4) مدرسة الخزْعَلي: دُعيت بهذا الاسم نسبة الى (بقعة الخَزْعَلي) التي تقع فيها. والمكان يقع جنوبي بئر السبع وعلى مسافة 14 كم منها. تأسست المدرسة في عام 1943 وبلغ عدد طلابها 24 طالباً يوزعون على أربعة صفوف يعلمهم معلم واحد على حساب القبيلة.
وقد قُدِّر عدد الملمين بالقراءة والكتابة في عام 1947 بين أفراد قبيلة العزازمة بنحو 220 رجلاً.
* * *
إن البلاد التي تقع بين مدينة (بئر السبع) حتى (عين قادش)[200] في سيناء تعرف باسم
(النجب _ Negeb).
ويظهر أن هذا الاسم قديم بدليل ظهوره على نقوش مصرية يرجع تاريخها الى عهد طثميس الثالث 1501 _ 1447ق.م. وكثيراً ما استعمل بمعنى الجنوب. ويمكن القول بوجه عام أن أراضي النجب اليوم تخص قبيلة العزازمة.
ومما يسترعي الانتباه في اراضي هذه القبيلة كثرة الأطلال والخرائب القديمة المبعثرة هنا وهناك والتي تدل على أنها بقايا مدن كانت يوماً ما عامرة بالسكان. وقد يسائل المرء نفسه كيف تمكنت هذه المدن أن تنمو وتتقدم في مثل هذه الأراضي القليلة الأمطار التي هي أقرب للصحارى منها للأراضي الخصبة؟ إن السبب العامل على عمرانها في تلك الديار النائية والأراضي القاحلة هو لوقوعها على طريق قوافل العرب التجارية التي كانت تسير بين العقبة والبتراء ومن هذه الى مصر وفلسطين، وهذه الطرق كانت قديمة جداً إذ المعروف أن الرومان لم يبنوها ولكنهم عبّدوها وحصنوها.
وقد بنيت المدن على مواقع يصعب على المغيرين الاستيلاء عليها بسهولة، كما حصنت بقلاع متينة شيدت بالقرب منها.
ولما دالت دولة الأنباط العربية _ التي استغلت الأراضي الصالحة للزراعة في هذا القسم من مملكتهم[201]_ سار على طريقهم الرومان والبيزنطيون من بعدهم فأقاموا الحصون بين المدن والمحطات المختلفة وذلك جميعه لدفع غارات البدو وغيرهم من المغيرين. كما أسسوا أو وسعوا تلك المدن التي غصت بالسكان، وكانت الحياة الاقتصادية فيها تنحصر في التجارة والزراعة الجافة والرعي. وقد زاد في بهائها النساك والمتعبدون المسيحيون الذين نزلوها هرباً من ظلم الوثنيين لهم.
نجحت هذه المدن في عمرانها وتقدمها وبقيت ماثلة للعيان مدة دوام التجارة بين الأنباط وشمالي الجزيرة العربية من جهة وبين مصر وفلسطين وشواطىء البحر الأبيض المتوسط من جهة أخرى. ولما تحولت طرق التجارة قلت أهمية هذه البقاع، ومع الزمن هجرها أهلها وانتهى أمرها. كما سبق وذكرنا ذلك في فصل سابق.
وأخر ما عرف عنها ما ذكره المقريزي في خططه: (وكان بأرض مدين هذه مدائن كثيرة. قد باد أهلها وخربت وبقي منها الى يومنا هذا (سنة 825ه: 1422م) نحو الأربعين مدينة ماقد جُهل اسمه. فما يعرف اسمه فيما بين أرض الحجاز وبلاد فلسطين وديار مصر ستة عشر مدينة. منها في ناحية فلسطين عشر مدائن وهي: (الخَلَصة) و (الشُنيْطَة) و (المدَرَة)[202] و (المنية)[203] و (الخويرق)[204] و (الأعوج) و (البئرين)[205] و (الماءين)[206] و (المعلق) [207]. وأعظم هذه المدائن العشر الخَلَصة والسنيطة (السبيطة اليوم). وكثيراً ما تنقل حجارتها الى غزة ويبنى بها هناك. ومن مدائن مَدْيَن بناحية القلزُم والطور مدينة (فاران)[208] ومدينة (الرقة)[209] ومدينة (القزم)[210] ومدينة (أيلة) ومدينة (مَدْيَن)[211]. وبمدينة مدين الى الآن آثار عجيبة ومدن عظيمة)[212].
* * *
تحياتي